الأحد، 27 مارس 2016

بحث عن الاستعارة

الفهرس :-
الغلاف ........................................... ........................................... (1)
الفهرس            ...............................................................................(2)
أركان الاستعارة . .............................................................................(2)
تقسيم الاستعارة باعتبارِ ما يذكرُ من الطرفينِ ..............................................(3)
تقسيم الاستعارة................................................................................(5)
الخاتمة........................................... ...........................................(15)
المصادر والمراجع.......................................... .............................(16)




















أسباب اختيار البحث :
1 – نظراً لأهمية هذا المجال في اللغة العربية .
2 – زيادة الثقافة العامة عن الاستعارة .
3 – نظراً لاستخدام الاستعارة في حياتنا اليومية .
أهداف البحث :
1 – التعرف على الاستعارة .
2 -  التعرف على الفرق بين الاستعارة و التشبيه .
3 –  التعرف على أنواع الاستعارة .
4 – التعرف على أهمية الاستعارة .
منهجية البحث :
البحث في الكتب الأدبية والشبكة العنكبوتية عن المعلومات .
مخطط البحث :

الاستعارة
مقدمة البحث 
بسم الله الرحمن الرحيم , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , سوف أتحدث في هذا البحث عن الاستعارة , والاستعارة هي مجال مهم في اللغة العربية , حيث أن العرب استخدموا الاستعارة منذ القدم ويتضح لنا هذا جلياً في الشعر الجاهلي , ومازال الأدباء حتى يومنا هذا يستخدمون الاستعارة في كتبهم ومؤلفاتهم ليعبروا عن أفكارهم بطريقة غير مباشرة ولتمييز أساليبهم عن الأدباء الاخرين ولإظهار مهارتهم اللغوية , وحتى الأشخاص العاديون يستخدمون الاستعارة في حياتهم اليومية دون أن يشعروا بذلك , فما هي الاستعارة ؟ وما أنواعها ؟ وما هو الفرق بينها وبين التشبيه , وسوف يوضح هذا البحث مفهوم الاستعارة والفرق بين الاستعارة والتشبيه كما سيطرح أهمية الاستعارة وأنواع الاستعارة , فهناك الاستعارة المكنية وهناك أيضاً الاستعارة التصريحية .

مفهوم الاستعارة :
الاستعارة من العارية و هي معروفة ، و معنى أعار رفع و حول ( و منه إعارة الثياب و الأدوات ، و استعار فلان سهما من كنانته رفعه و حوله منها إلى يده ) ، و في الحديث الشريف: ( مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين غنمين ، أي المترددة بين قطيعين لا تدري أيهما تتبع. )
الاستعارة في اللغة: و هي نقل الشيء من حيازة شخص إلى شخص آخر حتى تصبح تلك العارية من خصائص المعار إليه و الإلصاق به.
الاستعارة في علم البيان:
نوع من المجاز اللغوي علاقته المشابهة دائمًا ،( تشبيه بليغ حُذِفَ منه أحد طرفيه).
اصطلاحا :
استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة بين المعنى الأصلي للكلمة والمعنى الذي نقلت إليه الكلمة مع وجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي . ويعتبر الجاحظ أول من عرفها كفن بلاغي إذ يقول :الاستعارة تسمية الشيء باسم غيره إذا قام مقامه .

أركــــان الاستعارة :
1- المستعار : وهو اللفظ المنقول
2- المستعار منه : وهو المشبه به
3- المستعار له : وهو المشبه

• الاستعارة عند البلغاء تنقسم إلى عدة أقسام و من أشهر هذه التعريفات كالتالي :
1-    عند ( الجاحظ ) : قسيمة الشيء باسم غيره إذا قام مقامه.
2-    عند ( المبرد ): نقل اللفظ من معنى إلى معنى.
3-    عند ( ابن قتيبة ) : اللفظ المستعمل في غير ما وضع له إذا كان المسمى له بسبب من الآخر أو كان مجاورا له أو مشا كلا.
4-    عند ( ثعلب ): أن يستعار الشيء اسم غيره أو معنى سواه.
5-    عند ( ابن المعتز ): استعارة الكلمة لشيء لم يعرف بها من شيء عرف بها.
6-    عند ( علي بن عبد العزيز الجرجاني ) : ما اكتفى فيها بالاسم المستعار عن الأصل و نقلت العبارة فجعلت في مكان غيرها.
7-    عند ( الرماني ): تعليق العبارة على غير ما وضعت له في أصل اللغة على جهة النقل للإبانة
8-    عند ( أبو هلال العسكري ): نقل العبارة عن موضع استعمالها في أصل اللغة إلى غيره
9-    عند ( عبد القادر الجرجاني ) : أن يكون لفظ الأصل في الوضع اللغوي معروفا تدل الشواهد على أنه اختص به حين وضع ثم يستعمله الشاعر أو غير الشاعر في غير ذلك الأصل ، و ينقله إليه نقلا غير لازم فيكون هنا كالعارية.
10-                       عند ( فخر الدين بن الخطيب ): ذكر الشيء باسم غيره و إثبات ما لغيره له لأجل المبالغة في التشبيه
11-                       عند ( ابن الأثير ): نقل المعنى من لفظ إلى لفظ لمشاركة بينهما مع طي ذكر المنقول إليه
12-                       عند ( السكاكي ) : أن تذكر أحد طرفي التشبيه و تريد الطرف الآخر مدعيا دخول المشبه في جنس المشبه به دالا على ذلك بإثباتك للمشبه ما يخص المشبه به
13-                       عند ( ابن أبي الإصبع ): تسمية المرجوح الخفي باسم الراجح الجلي للمبالغة في التشبيه
14-                       عند ( الخطيب القزويني ) : الاستعارة هي ما كانت علاقته _المجاز_ تشبيه معناه بما وضح له
15-                       عند ( النمي ) : تصييرك الشيء شيء وليس به و جعلك الشيء للشيء و ليس هو بحيث لا يلحظ معنى التشبيه لا صورة و لا حكما

• فوائد الاستعارة :
الاستعارة تحلّقُ بك في عالم الخيال، و تعرض عليك أشكالاً من الصور البيانية الرائعة.
و حتى تدركَ حقيقة ذلك القول: فإنّ عليك أن تتخيّلَ: أنّ رجلا قال: ( رأيتُ طفلةً تحملها أُمُّها) فإنك ستري أنّ مثل هذا القول لم يؤثّرْ فيك، و لم يحرك مشاعرك!
و لكنْ تخيل لو أنّ الشخصَ عينه كان قد قال: (رأيتُ زهرةً تحملها أمُّها) فإنك ستحلّق في عالم الخيال و تسبح في بحر الألفاظ ، و تنتقل سريعًا من المعنى الحقيقي للفظ المستعار و هو الزهر، إلى المعنى المجاز الذي صار عليه ذلك اللفظُ و هو طفلةٌ صغيرة تشبه الزهرة في حلاوتها و جمالها و رونقها.
وفي الاستعارة يلجأ المتكلم إلى حذف أحد الطرفين إما المشبه أو المشبه به , ويؤدي هذا إلى تقوية العلاقة بين المشبه والمشبه به , كما تفيد الاستعارة الاديب , حيث أنها تستخدم للتعبير عن الفكرة بطريقة غير مباشرة ويستخدمها الأديب كذلك لتمييز أسلوبه ولغنه عن الكلام العادي وحرصه على إظهار مهارته اللغوية .

• أنواع الاستعارة:
التقسيم الأول: باعتبار ذاتها إلى حقيقية و خيالية.
أما الحقيقية: فهي أن يذكر اللفظ المستعار مطلقا، و أن يكون المستعار له أمر محقق حسا و عقلا.
و التخييلية: هي ما كان المستعار له فيها غير محقق لا حسا ولا عقلا ، بل يكون صورة وهمية محضة لا يشوبها شيء من التحقيق بقسميه.
التقسيم الثاني : و تنقسم باعتبار ( اللازم لها ) أو ( ملائمها ) أو ( الأمر الخارج عنها ) .
فإذا استعير لفظ لمعنى آخر ، فإما أن يذكر معه لازم المستعار له ، أو يذكر لازم المستعار نفسه ، فإن كان الأول فهو ( التجريد ) ، و إن كان الثاني فهو ( الترشيح ) و إذا اجتمع الاثنان أو لم يكن هناك ما يلائم المستعار له أو المستعار منه كانت الاستعارة ( المطلقة ).
التقسيم الثالث: و تنقسم باعتبار اللفظ إلى أصلية و تبعية .
كل ما كانت الاستعارة فيه باعتبار أمره في نفسه، فهو المعبر عنه بالأصلية و ما كانت الاستعارة فيه باعتبار حال غيره، فهو المعبر عنه بالتبعية.
التقسيم الرابع : تنقسم الاستعارة باعتبار الطرفين إلى وفاقية و عنادية.
لأن الطرفان إن صح اجتماعهما في شيء واحد أطلق على هذه الصورة استعارة وفاقية ، و اذا لم يكن اجتماع الطرفين في شيء واحد اطلق على هذه الاستعارة ، استعارة عنادية.
التقسيم الخامس: و تنقسم باعتبار الجامع وهو ( وجه الشبه ) في باب التشبيه إلى قسمين.
أحدهما : ما يكون الجامع فيه داخلا في مفهوم الطرفين كاستعارة الطيران للعدو.
ثانيهما : ما يكون الجامع فيه غير داخل في مفهوم الطرفين كقولنا ( رأيت قمرا ).

• أحكام الاستعارة:
الحكم الأول: هل المستعار اللفظ أو المعنى ؟
اشتهر أن الاستعارة صفة اللفظ وهو باطل في رأي الرازي، بل الحق أن المعار يعار أولا بواسطة اللفظ، و يدل على ذلك وجوه كثيرة أهمها: أنه حيث لا يكون نقل الاسم تابعا لنقل المعنى تقديرا لم يكن ذلك استعارة، و من هنا فالأعلام لا يصح أن تكون استعارة، فإذا سمينا إنسان يزيد أو يشكر لا يقال لهذه أنها مستعارة لأن نقلها ليس تبعا لنقل معانيها.
الحكم الثاني: هل الاستعارة مجاز لغوي أم أنها مجاز عقلي ؟
إن المجاز في صيغة أسد في قولنا: ( رأيت أسدا يبيع السلاح ) ليس في مجرد الاسم ، بل المجاز في تقديرنا لصفة الأسدية للرجال، و من هنا يكون التصرف واقعا في أمر عقلي لا في أمر لغوي، فهذا المجاز عقلي.
و بمعنى آخر: إن العقل جعل الرجل الشجاع من جنس الأسد، و جعل ما ليس في الواقع واقعا مجاز عقلي، و على ذلك يطلق المجاز العقلي على إسناد الشيء لغير من حوله و على التصرف في المعاني العقلية على خلاف ما في الواقع.
الحكم الثالث: الرأي في ترجمة الاستعارة.
الترجمة بوجه عام عمل يخل بتركيب الاستعارة من حيث إنها عبارة ذات معنى مركز مضغوط له دلالاته، و إيحاءاته و ظلاله المعنوية و النفسية الخاصة التي أضفاها الخيال و التي لا يمكن الإحاطة بحدودها أو معالمها.
الحكم الرابع : طبيعة تركيب الاستعارة .
الاستعارة تقوم على التركيب لا على التحليل و التركيب معا، فقد ذكر أنها أحيانا لا تنحل إلى أجزائها التي تألفت منها، ذلك لأن التحليل يفقدها معناها، وجمالها و يحول بينها و بين وظيفتها في التأثير النفسي و إثارة الإعجاب.

• صور الاستعارة عند علماء البيان:
تحت هذا العنوان سأعرض بإيجاز بعض من الصور منها:
1. الاستعارة التصريحية الأصلية : هي ما صرح فيها بلفظ المشبه به دون المشبه، وكان اللفظ المستعار فيها اسم جنس.
2. الاستعارة التصريحية التبعية : هي ما صرح فيها بلفظ المشبه به دون المشبه ، و كان اللفظ المستعار فيها فصلا أو حرفا ذا معنى أو صفه مشتقه .
3. الاستعارة المكنية: هي التي اختفى فيها لفظ المشبه به و اكتفى بذكر شيء من لوازمه دليلا عليه و بقى المشبه.
4. الاستعارة المرشحة : هي التي اقترنت بما يلاءم المستعار منه .
5. الاستعارة المجردة : هي التي اقترنت بما يلاءم المستعار له .
6. الاستعارة المطلقة : هي التي لم تقترن بما يلائم احد الطرفين أو اجتمع فيها ترشيح أو تجويد .
7. الاستعارة التمثيلية : هي ما استعير فيها تركيب لتركيب و كان الجامع فيها هيئة منزعه من عدة أمور.
8. الاستعارة الوفاقية : ما أمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد .
9. الاستعارة العنادية : هي التي لا يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد .

و هنا سأتطرق لتفصيل بعض أنواع الاستعارات :
الاستعارة التصريحية :
وهى التي يحذف المشبه (الركن الأول) وصرح بالمشبه به.
مثال: رأيت أسداً يحارب في المعركة. و أصل الجملة هو : الجندي كالأسد. ولكننا حذفنا المشبه وصرحنا بالمشبه به فسميت استعارة تصريحية.
الاستعارة المكنية :
وهى التي حُذِفَ فيها المشبه به (الركن الثاني) وبقيت صفة من صفاته ترمز إليه.
مثل: حدثني التاريخ عن أمجاد أمتي فشعرت بالفخر والاعتزاز. المحذوف المشبه به، فالأصل : التاريخ يتحدث كالإنسان، ولكن الإنسان لم يذكر وإنما ذكر في الكلام ما يدل عليه وهو قوله : حدثني (فالدليل على أنها استعارة : أن التاريخ لا يتكلم).
ومثل ما سبق: طار الخبر في المدينة.. استعارة مكنية فلقد صورنا الخبر بطائر يطير، وحذفنا الطائر وأتينا بصفة من صفاته (طار)، (فالدليل على أنها استعارة : أن الخبر لا يطير).
يهجم علينا الدهر بجيش من أيامه ولياليه - وتبنى المجد يا عمر بن ليلى - صحب الناس قبلنا ذا الزمانا- شاكٍ إلى البحر.
الاستعارة التمثيلية :
أصلها تشبيه تمثيلي حُذِفَ منه المشبه وهو (الحالة والهيئة الحاضرة) وصرح بالمشبه به وهو (الحالة والهيئة السابقة) مع المحافظة على كلماتها وشكلها وتكثر غالباً في الأمثال عندما تشبه الموقف الجديد بالموقف الذي قيلت فيه.
مثل
لكل جواد كبوة
رجع بخفي حنين
سبق السيف العذل
فمن يزرعِ الشوك يجنِ الجراح، سر جمال الاستعارة : (التوضيح أو التشخيص أو التجسيم).

• صور من روائع الاستعارة التصريحية في الشعر
قال أبو تمام:
و يصعد حتى يظن الجهول               بأن له حاجة في السماء
في البيت استعارة تصريحية تبعية في لفظ ( يصعد ) شبه الشاعر علو قدر الممدوح و ارتقاءه بالصعود بجامع الارتفاع في كل منهما ثم تناسى التشبيه و أدعى أن المشبه فرد من أفراد المشبه به و داخل في جنسه ثم استعار الصعود من معناه الحقيقي لعلو القدر ، و اشتق من الصعود بمعنى الارتقاء يصعد بمعنى يرتقي على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.
و الاستعارة في البيت جميلة رائعة، و السر في ذلك يرجع إلى أنها أبرزت المعنى المعقول في صورة المحسوس فأكسبته القوة و الوضوح و جعلت النفس تأنس به و لا تشك فيه.
O قال بعض الشعراء يخاطب طائرا:
في البيت استعارة تصريحية تبعية في لفظ ( ضاحكة ) شبه الشاعر الازدهار بالضحك بجامع ظهور البياض في كل منهما ثم تناسى التشبيه و ادعى أن المشبه فرد من أفراد المشبه به و داخل في جنسه ثم حذفه و استعار له لفظ المشبه به ثم اشتق من الضحك بمعنى الازدهار ضاحكة بمعنى مزهرة.
و القرينة هي استناد ( ضاحكة ) إلى ضمير ، خضراء أي روضة خضراء.
و هذه الاستعارة جميلة و رائعة رسمت منظرا رائعا للأزهار فصورت انشقاق الأكمام عن الأزهار بانفراج الشفاه عن الأسنان فتقصت جوانب الصورة و أخرجت الأزهار في قالب أدبي رائع يفيض رقة و عذوبة.
O قال أحد الشعراء:
لنا و إن أحسبنا كرمت                            يوما على الأحساب فتكل
في البيت استعارة تصريحية تبعية في لفظ ( على ) شبه الشاعر مطلق ارتباط بين حسيب و حسيب بمطلق ارتباط بين مستعلى و مستعلى عليه بجامع التمكن و الاستقرار في كل ثم استعيرت على من جزئي من جزيئات الأول إلى جزئي من جزئيات الثاني على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية و هذه استعارة رائعة، صورت أن قوم الشاعر لهم أحساب كريمة و أصول عظيمة و هم متمكنون منها، و مع كل هذا فهم لا يعتمدون عليها بل يعملون دائما على إبراز أمجاد و أحساب أخرى تخلد ذكراهم بعد مماتهم.
الاستعارة المكنية
تعريفها: تشبيه حذف منه المشبه به ، و رُمِزَ له بشيءٍ من لوازمه أَيْ: صفاته.
و معنى ذلك: لا نصرِّحُ بلفظ المشبه به، وإنما نحذفه، نكنِّي عنه أو نرمز له بشيءٍ من اللوازم أو الصفات التي تدلّ عليه.
كيف يكون إجراءُ الاستعارة المكنية؟
إنّ إجراء الاستعارة المكنية كالتصريحية تماما، إلاّ إنّ هناك أمرًا جديدًا و هو :
تعيين أو تبيان اللوازم، والصفات التي تدلّ على المشبه به المحذوف.

• صور من روائع الاستعارة المكنية في الشعر
**قال أبو ذؤيب الهذلي:
و إذا المنية أنشبت أظفارها::::::::ألفت كل تميمة لا تنفع
في البيت استعارة مكنية ، في لفظ ( المنية ) شبه الشاعر المنية بالسبع من حيث إن كلا منهما يغتال النفوص بالقهر و الغلبة من غير تفرقة بين نفاع و ضرار ثم حذف السبع و رمز إليه بشيء من لوازمه وهو الأظفار و القرينة هي ( إثبات الأظفار للمنية ) ما أروع هذه الاستعارة و ما أحلاها أبرزت المنية وهي أمر معقول لا وجود له إلا في العقل في صورة الأمر المحسوس الذي لا يشك فيه ولم تكتف بهذا الحسن بل جعلت المنية المعقولة أسدا كاسرا يغتال النفوس قهرا و غلبة لا يفرق في ذلك بين النفوس النافعة و النفوس الضارة فحلقت بالسامع في سماء الخيال فأثارت إعجابه و هزت عاطفته و حركت ذهنه فوقف مذهولا أمام هذا الجمال و ذلك السحر الحلال.
 قال دعبل الخزاعي:
لا تعجبي يا سلم من رجل        ضحك المشيب برأسه فبكى
في البيت استعارة مكنية في لفظ ( المشيب ) ، حيث شبه الشاعر المشيب بإنسان ثم حذفه و رمز إليه بشيء من لوازمه و هو الضحك. و القرينة إسناد الضحك للشيب ، وهذا تصوير رائع يجعل الجماد حيا عاقلا له أحاسيس و عواطف و أنه يضحك إذا رأى من المناظر ما يثير عاطفته و يحرك أحاسيسه و وجدانه و بهذا التصوير تربعت الاستعارة في البيت على عرش الجمال.
*قال أبو العتاهية:
أتته الخلافة منقادة              إليه تجرر أذيالها
في البيت استعارة مكنية في لفظ ( الخلافة ) ، حيث شبه الشاعر الخلافة بالغادة الحسناء ثم حذف المشبه و المشبه به و رمز إليه بشيء من لوازمه و هو جر الذيل. و هذه الاستعارة رائعة جميلة، والسر في جمالها إنما يرجع إلى حسن تصويرها و إبرازها المعنى المعقول الخفي في صورة المحسوس الجلي فأكسبت المعنى القوة و الوضوح و الجلاء فصورت الخلافة فتاة حسناء تهواها النفوس و تعشق رؤيتها القلوب فجعلت المعنى المعقول ناطقا حيا ثم خلعت عليه ثوب الغادة الحسناء، فرسمت منظرا محبوبا للخلافة.

أمثلة على الاستعارة التمثيلية :
معظم الأمثال تكون استعارة تمثيلية وورد في القران والسنة بعض الاستعارات التمثيلية .
قال الله تعالى: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾.
في الآية الكريمة، ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ﴾، هؤلاء هم اليهود، الذين أمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجلاء عن المدينة، فصاروا يخربون بيوتهم قبل الخروج منها، ولكن هذا التعبير يمكن أن يطلق على كلِّ حالة تشبه الحالة التي قيل فيها لأوّل مرة، فمثلاً، ربُّ الأُسرة، الذي يبذّر أمواله فيما لا نفع فيه لأسرته، ويترك ما فيه تربيتهم وسعادتهم, تقول عنه ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ﴾، والطالب الذي يهمل دروسه ويشغل نفسه باللّعب، ويهمل القيام بواجباته، تقول عنه: "يخربون بيوتهم بأيديهم" كأنّما صارت العبارة مثلاً يطلق على كل حالة تشبه الحالة التي قيل فيها من قبل، فالتعبير يشبّه حالاً بحال، حال من يهمل دروسه، أو من يترك تدبير شؤون أُسرته، بحال من يخرب بيته بيده، فالتعبير إذاً مجازي، وقد نقل التركيب الدال على المشبّه به للمشبّه على سبيل الاستعارة، والعلاقة بين الطرفين هي المشابهة، ولكنّ أحد الحالين محذوف دائماً، ولأنّها تمثل حالاً بحالة سمّيت (الاستعارة تمثيلية)، مع قرينة حالية تفهم من السياق مانعة من إرادة المعنى الأصلي.
قال المتنبي:
إذا رأيتَ نيُوب الليث بارزةً        فلا تظنَّنَّ أنّ الليثَ يبتسمُ
وفي المثال الثاني: يقول المتنبي: إذا رأيت الأسد، فاغر الفم، بارز الأنياب، فلا تظنَّ أنه يبتسم لك، فلو ظننت ذلك، فأنت مقضيٌ عليك، وهذا المعنى تُشبّه به حال من يخدعك مظهره عن حقيقة أمره، وعندئذٍ يكون استعمال اللّيث في مثل هذه الحال مجازاً، وقد نقل التركيب الدال على المشبّه به، للمشبّه على سبيل الاستعارة التمثيلية، والعلاقة بين الطرفين المشابهة، وهي ظهور الأنياب لغير الضحك، والقرينة حالية.
قال الشاعر:
أُعلّمه الرِّماية كلَّ يومٍ         فلما اشتدَّ ساعدُه رماني
وفي المثال الثالث: يقول الشاعر: إنّه يعلّم الرماية بالسهام لمن يتوقع معاونته والوقوف إلى جانبه، ولكن ما إنْ أتْقَنْ هذا التلميذ الجاحد الرماية حتى وجه سهامه إلى معلمه، ويقال هذا المعنى حينما يريد أن يشبّه حال مَن يأخذ بيد إنسان ويعلمه ويدرّبه على أمور تنفعه في حياته، فلا يلبث أن ينقلب عليه مستخدماً ما تعلّمه في الكيد لأُستاذه وولي نعمته. والعلاقة بين الطرفين هي المشابهة كما هو واضح.
روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يلدغ المؤمن من جُحرٍ مرتين"2.
في المثال الرابع: الحديث الشريف، تجده سار مسار الأمثال، فقد شبهت به حال من يخطئ مرة، ويستفيد من هذا الخطأ، فلا يعود ثانية إليه، بحال المؤمن الذي لدغ مرة من ثعبان مختبئ في حجره فلم يَعُد يقترب من الجحر أو من غيره ثانية، فتقول لهذا الإنسان: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. والحديث لا يريد هذا المعنى بل قصد المعنى المجازي الذي بيّناه.
جاء في المثل: "لكلّ جواد كبوة، ولكل صارم نبوة".
في المثال الخامس (لكلّ جواد كبوة، ولكلّ صارم نبوة) يضربان لتصوير حال من يصدر منه الخطأ بالرغم منه في مجال غير معروف عنه الخطأ فيه، فهو كالجواد الأصيل الذي تعوّد الجري والسبق وربما أتى عليه يوم فتعثَّر، أو هو كالسيف القاطع ربما يأتي عليه يوم فينبو ويكلّ عن القطع.

تقسم الاستعارة باعتبار اللفظ المستعار إلى :
1- الاستعارة الأصلية : ما كان اللفظ المستعار اسما جامدا غير مشتق كقوله تعالى :
" كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور "
فلفظ الظلمات والنور مستعاران وكلاهما جامد .
2- الاستعارة التبعية : ماكان اللفظ المستعار أو اللفظ الذي جرت فيه الاستعارة اسما  مشتقا أو فعلا كقوله تعالى : " ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة "
فقد شبه انتهاء الغضب عن موسى بالسكوت بجامع الهدوء في كل وسكت فعل وعليه تكون الاستعارة تبعية .
وتنقسم الاستعارة باعتبار اللفظ الملائم إلى :
أولا : المرشحة
وهي التي يذكر معها ما يلائم المشبه به ( المستعار منه ) نحو قوله تعالى : " أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين "
فقد استعار الشراء للاختيار والاستبدال ثم ذكر الربح والتجارة وهما يلائمان المشبه به ( المستعار منه )
ثانيا : المجردة
التي يذكر معها ما يلائم المشبه ( المستعار له ) كقوله تعالى :" وضرب الله مثلا قرية آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع  والخوف "
فالاستعارة في قوله ( لباس الجوع والخوف ) فاستعير اللباس للجوع ثم قرن الكلام بما يلائم الجوع وهو المشبه ( المستعار له )
ثالثا : المطلقة
إذا خلت مما يلائم المشبه والمشبه به ( المستعار له والمستعار منه ) أو ذكر معها ما  يلائم الطرفين معا كقوله تعالى : " الله ولي الذين آمنوايخرجهم من الظلمات إلى النور "
استعار لفظ الظلمات للضلال ولفظ النور للإيمان ولم يقترن بالمستعار ما يلائم المشبه أو  المشبه به .

• القيمة البلاغية للاستعارة:
و في هذا البند نتحدث عن أثر الاستعارة في الأساليب العربية ، وما تضيفه من الفتنة ، والجمال فتكسب المعنى القوة و الوضوح ، و الجلاء ، و تبرز الفكرة في لوحة بديعة يتضح على صفحتها كل معالم الإبداع و الفن ، و تحلق بالسامع في سماء الخيال فتصور له الجماد حيا ناطقا ، و الزهر باسما ، و الأمل غادة حسناء .
و هنا أقدم لكم نموذج رائع بصورة رائعة يرسم البارودي على صفحتها منظرا ساحرا للمنى و الظنون و الهواجس فيقول :
أسمع في نفسي دبيب المنى              و ألمح الشبهة في خاطري
ما أجمل هذا التصوير و أبدعه ، إن البارودي عمد إلى خياله الخصب فرسم في البيت صورة الأمل يتمشى في النفس الإنسانية محسا يسمعه بأذنه و إن الظنون و الهواجس صار لها جسم يراه بعينه ، إنها لصورة تثير التعجب و تبعث على الدهشة وما حسنت هذه الصورة و لطفت إلا لأن الاستعارة تخللتها فصورت الشك و الأمل يتجاذبان، فصيرت البيت لوحة بديعة يتضح على صفحتها كل معالم الإبداع و الفن.
ولا يخفى إن الاستعارة في البيت مكينة في ( المنى، الشبهة ) حيث شبه كلا منهما بإنسان ثم حذفه و يرمز إليه في الأولى ( دبيب ) و في الثانية بقوله ( ألمح ).
و الآن أود أن أبين أن الاستعارة من ابلغ الألوان البلاغية و أروعها و إن بلاغتها إنما ترجع إلى حسن تصويرها و انتقاء ألفاظها و إيجازها  لأن اللغة آلة لنقل الأفكار يصدق عليها ما يصدق على الآلة الميكانيكية و هو أيضا ابلغ في الدلالة على المعنى من الحقيقة و من سائر الألوان البلاغية .


النتائج
1 – الاستعارة مجال مهم في اللغة العربية  .
2 – الاستعارة استخدمت في الماضي وتستخدم في الحياة اليومية .
3 – الاستعارة لها أنواع وأحكام وفوائد وصور مختلفة .
4 – أهم أنواع الاستعارة هي الاستعارة التصريحية والمكنية .
5 – تضفي الاستعارة الجمال على الحديث .

الخاتمة  
 تعرفنا في هذا البحث على مفهوم الاستعارة وفوائدها وأنواعها وأحكامها و صور الاستعارة عند علماء البيان والقيمة البلاغية للاستعارة , كما وضح هذا البحث الاستعارة المكنية والتصريحية , كما وضح البحث أن الاستعارة تضفي الجمال على الكلام , وتميز الأسلوب , وكما استخدمت الاستعارة في الماضي فإنها لاتزال تستخدم في عصرنا هذا ولا تخلو الحياة اليومية للإنسان من استخدام الاستعارة . 


المراجع و المصادر :
1 - الجرجاني , عبد القاهر ، دلائل الإعجاز، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، الطبعة الخامسة،2004، ص 437 .
2 - الهاشمي , أحمد ،جواهر البلاغة ،المكتبة العصرية ، صيدا- بيروت.ص147 .
3 -  الشحود , علي بن نايف ،الخلاصة في علوم البلاغة، ص273
4- الجرجاني , عبد القاهر , أسرار البلاغة ,  مكتبة الخانجي ، القاهرة , ص 67 إلى ص 70
http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=76346  - 5



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق